لبنانون فايلز - 12/3/2025 6:55:16 AM - GMT (+2 )
كتب فؤاد بزي في الاخبار - غاب الوضع الاقتصادي وحال الأسواق والناس عن بال حكومة «الإنقاذ والإصلاح»، وحضر في المقابل على جدول أعمالها بند سياسي واحد وهو «سحب السلاح».
للغاية، رهنت الحكومة كلّ الحركة الاقتصادية في البلاد بهذا البند، وعلّقت النقاش في المشاكل البنيوية، بل هي ربطت كل جهد تقوم به بهذا البند متغافلة تماماً عن شلل الدولة بكل مؤسساتها الرسمية، وركود اقتصادها الذي يحتاج إلى تغيير بنيوي تحاول الاستعاضة عنه بالتحفيز بالمؤتمرات مثل «بيروت 1» الذي لم ينتج أي مشروع استثماري وغرق بجمل سياسية عن «حصرية السلاح».
أدّى الانحراف نحو بند «السلاح» إلى مفاعيل سلبية على الأسواق. فقد سبّبت التصريحات السياسيّة المتوترة للوزراء ورئيسهم نواف سلام، بالتزامن مع تهديدات العدو، جموداً في الحركة الاقتصادية. وبحسب المعطيات المستقاة من مسؤولين في القطاعات العاملة في لبنان، تسجّل عمليات البيع والشراء في الأسواق مثل تجارة الملابس والأدوات المنزلية، إلى «كوما» مبيعات.
ولولا حاجة الناس اليومية إلى الطعام والمحروقات، لدخلت السوبر ماركت ومحطات الوقود أيضاً في الدوامة نفسها. ففي الأسواق، يجمع التجار على عبارة «البيع قليل» رغم موسم الأعياد والأعطال المقبلة، ولم يسجّل حتى الآن أي «بَرَكَة».
وبمقارنة مع الفترة نفسها في سنوات ماضية «الأوضاع سيئة جداً، وفي كثير من الأيام نقفل المحل من دون أن نبيع قطعة ملابس واحدة، وهذا لا يبشر بالخير» يقول تاجر ألبسة.
بالنسبة إلى هذه الفئة من التجار «تسيطر أجواء الحرب على حركة البيع ما يدفع الناس إلى ادخار أموالها، ويمنعها من الإنفاق رغم قدوم موسمي الأعياد والشتاء». أما التصريحات السياسية المتشنّجة والمحذّرة من المصير الأسود، فهي تزيد الأوضاع سوءاً، يقول تاجر الألبسة بالجملة محمد سنو، ويضيف «اكذبوا علينا ودعونا نسترزق».
الركود في محال الألسبة لا يقتصر فقط على المتاجر الصغيرة التي تبيع بـ«المفرق أو بالقطعة»، بل يمتد أيضاً ليشمل ما يعرف بـ«الأوتليت outlet» حيث حركة المبيع ضعيفة رغم تغيير البضائع أسبوعياً وعرض أنواع جديدة، يقول ربيع السيد مدير صالة «فاكتوري أوتليت» لعرض ملابس.
لم تجد نفعاً حركات البلاك فرايداي في تشجيع الناس على شراء البرادات والغسالات
وتتشارك محال الأدوات المنزلية الحال مع محال الملابس، إذ انخفض المبيع بنسبة 60% مع بداية شهر أيلول. ومع ارتفاع أسهم الحرب وزيادة نسبة التصريحات المحذرة من الأيام المقبلة، أعدمت الحركة التجارية تماماً، يقول عبد الله مكداشي. بالنسبة إليه «يفضل الناس تأجيل شراء أيّ قطعة غير ضرورية إلى أن تتضح الصورة في المنطقة».
وعلى سبيل المثال «باع أحد المحال الذائعة الصيت للأدوات المنزلية براداً واحداً الأسبوع الماضي. ولولا عدم إمكانية إصلاح القطعة القديمة لما أقدم الشاري على دفع أمواله لقاء براد جديد».
وفي هذا السياق، أشار أكثر من مدير صالة بيع أدوات منزلية إلى «عدم جدوى حركات البلاك فرايداي في تشجيع الناس على تغيير أدواتها المنزلية من الفئة الكبيرة، مثل البرادات والغسالات وأفران الغاز، أو حتى شراء أدوات منزلية صغيرة جديدة مثل الخلاطات وغيرها».
الجمود في سوق الأدوات المنزلية هذا بدا أكثر وضوحاً في السوبر ماركت، حيث توجد أقسام لبيع أدوات المطبخ البسيطة والعدّة.
إذ يشير صاحب سوبر ماركت في الضاحية الجنوبية إلى اقتصار عمليات الشراء على المواد الغذائية فقط. وحتى في هذا المجال «يفضّل الناس شراء الضروريات فقط، ويبتعدون عن الصرف على مواد غذائية لا تعدّ من الأساسيات مثل المواد الأوليّة لصناعة الحلويات والمأكولات المثلجة والمشروبات على أنواعها».
هنا، يشير رئيس نقابة الصناعات الغذائية منير البساط إلى أنّ «الجو العام ليس مرتاحاً»، ولكن «زخم السوق لم يتغيّر حتى الآن»، إذ «بقي حجم الطلبيات إلى السوبر ماركت على حاله». أما في المطاعم، فلفت البساط إلى وجود حركة سلبيّة، حيث انخفض حجم الطلبيات، وهذا ما يشير إلى تراجع في أعداد رواد المطاعم. ولجهة حركة بيع وشراء المواد الغذائية، يتوقع البساط حصول «هجمات على التموين»، ويعيد السبب في ذلك إلى الترقب في الأوضاع الأمنية واقتراب شهر رمضان أيضاً.
في ماذا يغرق مجلس الوزراء؟
يغرق مجلس الوزراء في حسابات المبيع والتبادل التجاري في الأسواق، ولم يناقش ولو لمرّة واحدة أعداد السياح الحقيقيين ولا أرقام المغتربين العائدين لزيارة أهاليهم الذين يعدّون سياحاً، بحسب مصادر وزارية، فضلاً عن غياب تام لأوضاع المصانع والعمال وصعوبة تصريف الإنتاج بسبب صعوبة استخدام المعابر البرية التي تمرّ عبر سوريا بعد تغيير النظام.
اللبنانيون هم السيّاح
يشير رئيس نقابة الفنادق وبيوت الضيافة بيار الأشقر إلى أنّ «لبنان في حالة حرب، حتى لو لم يضرب المطار وبقي الرقص شغالاً في بيروت. فالأجانب لا يأتون للسياحة، إذ يعتبرون أنّ ما نعيشه ليس حالة طبيعية ولا يشجع على المجيء». لذا «الوضع لم يتغيّر كثيراً»، فالسياحة في لبنان اليوم تعتمد على اللبنانيين، وهؤلاء لا يستطيعون الدفع كثيراً. وحول أرقام السياح الوافدين إلى لبنان، يؤكّد الأشقر أنّ «هؤلاء لبنانيون تهجروا في سنوات الانهيار، ويعودون سنوياً لزيارة أهاليهم في لبنان، وهم يشغلون القطاع السياحي الآن».
The post الأسواق في «كوما»... والحكومة أيضاً appeared first on أخبار الساعة من لبنان والعالم بشكل مباشر | Lebanonfiles | ليبانون فايلز.
إقرأ المزيد


