النفط يجمع دمشق وواشنطن: بداية شراكة كبرى على الساحل
لبنانون فايلز -

جاء في المدن - شهدت دمشق في الساعات الماضية اجتماعاً نوعياً يتجاوز البعد الفني إلى الفضاء السيادي في علاقات سوريا مع شركائها الجدد، عقده الرئيس أحمد الشرع مع الشركة السورية للبترول "SPC" وشركة شيفرون الأمريكية لبحث فرص التعاون في مجال استكشاف النفط والغاز في السواحل السورية. وهي المرّة الأولى التي يتم فيها الإعلان رسمياً عن مباحثات تتعلق باستثمارات النفط والغاز الكامن في المياه الإقليمية السورية، بعد أن اعترى الموضوع الكثير من التكهنات والتنبوءات إن كانت تلك المتعلقة بحجم الاحتياطي المتوقّع، أو الأخرى ذات الصلة بالشراكات وجنسيّات الشركات صاحبة الحظوظ الأكبر بعطاءات الاستكشاف والاستثمار.

وُصف الاجتماع بالـ"تمهيدي"، وسيُتبع بجولات لاحقة يتولاها المعنيون بترتيب التفاصيل القانونية والفنية، بحضور المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توم باراك، ووزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني، والرئيس التنفيذي لشركة "SPC" يوسف قبلاوي، إلى جانب وفد من شركة شيفرون يضم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع التطوير رانك ماونت ومدير التطوير الإقليمي جو كوش، إضافة إلى رئيس مجلس إدارة شركة "UCC" العالمية معتز الخياط والرئيس التنفيذي رامز الخياط.

أفق تعاون مفتوح

يعتبر أستاذ اقتصاديات الطاقة في جامعة دمشق الدكتور زياد عربش ، أن الاجتماع خطوة أولى وبالغة الأهمية لاستئناف التعاون في قطاع النفط في سورية بعد فترة امتدت لعقود من العقوبات والتحديات.

بالتالي فإن فرص التعاون مع الجانب الأميركي تتركز على استكشاف وإنتاج النفط والغاز في السواحل السورية، مع احتمال تطوير حقول جديدة وزيادة الإنتاج.

كما قد يشمل التعاون تطوير البنية التحتية النفطية وربط عمليات الإنتاج بالتصدير وتحسين القدرات الفنية والتكنولوجية، والتي تعتبر متهالكة خلال سنوات الحرب وتحتاج إلى إعادة هندسة من جديدة بفعل التغيرات التي طرأت على الخارطة النفطية (والغازية) السورية.

ما بعد حاجز العقوبات

ويرى عربش في حديثه إلى "المدن" أن إمكانية توقيع عقود استثمارية مع شركات أمريكية كبرى مثل شيفرون تُعد فرصة لها أثر اقتصادي مهم، خصوصاً أن هناك توجهاً لتعزيز الاستثمار في الطاقة في سورية سيتكثف حكماً بعد رفع العقوبات.

إضافة إلى أنه بجانب النفط والغاز، فقد تتوسع الشراكات لتشمل مشاريع طاقة متجددة أو تطوير مرافق تكرير جديدة كما أُشير في خطط الشركة السورية للنفط.

عقود مرتقبة

الاجتماع تمهيدي بالفعل من وجهة نظر أستاذ اقتصاديات الطاقة، لكونه بحث سبل استكشاف الفرص والتفاوض وتبادل الأفكار، حيث لم يُعلَن عن توقيع عقود نهائية حتى الآن. وعلينا الانتظار لعدة أسابيع حيث قد تعقد سلسلة من اللقاءات والمفاوضات لتثبيت الشروط التقنية والمالية والقانونية قبل توقيع عقود رسمية.

ويجزم عربش بأنه إذا تكللت هذه المبادرة بالنجاح، فإنها ستعزز من إنتاج النفط سيما وأن سورية بأمس الحاجة لمزيد من إنتاج الخام. كما ستزيد من العائدات المالية، وهو أمر حيوي للاقتصاد السوري الذي يعاني من صعوبات عديدة للاقلاع والنهوض. فالشراكة مع شركة دولية كبرى تعيد ثقة المستثمرين إلى السوق السورية وتدعم جهود إعادة الإعمار والتنمية، ناهيك بتحسين القدرة التشغيلية للبنية التحتية النفطية، وخلق فرص عمل، طبعاً إضافة إلى ان تطوير موارد النفط والغاز في السواحل سيكون له تأثير إيجابي على الأمن الطاقوي عموماً.

متوالية عائدات استراتيجية

من جانبه الخبير الاقتصادي الدكتور إيهاب اسمندر يعاين هذا الاجتماع ـ الحدث من زاوية الانفتاح بعد عزلة عاشتها سوريا عن العالم، وما نجم عنها من تراجع في المستوى التقني بمختلف المجالات بما في ذلك في القطاع النفطي الذي تعطل بنسبة تتجاوز 94 في المئة.

ويرى اسمندر في حديثه إلى "المدن" أن سوريا تحاول من خلال هذا الاجتماع والنتائج التي قد تبنى عليه، فتح صفحة جديدة من التعاون الاستثماري مع الولايات المتحدة، وفي حال استكمال متطلبات التعاون السوري - الأمريكي وبدء الاستثمارات الأمريكية في سوريا في مجال استكشاف النفط والغاز في السواحل السورية، نتوقع أن ينجم عن ذلك على المستوى الاقتصادي:

· نقل التقنية والخبرة الأميركية المتطورة إلى سوريا في مجال الاستكشاف والاستخراج والتكرير.

· تأهيل وتطوير البنية التحتية المتعلقة بعملية الاستكشاف.

· خلق فرص عمل وتدريب الكوادر السورية وبناء خبرات محلية جديدة في هذا المجال.

· توفير مصدر دخل وطني من خلال المشاريع التي ستقام اعتماداً على نتائج الاستكشاف، مما يدعم موارد الدولة ويؤمن جزء من احتياجها لتمويل إعادة الإعمار.

· زيادة الإنتاج المحلي من النفط والغاز لتلبية الاحتياجات المحلية، وتقليل الاعتماد على الاستيراد المكلف (تحتاج سوريا لحوالي 48 ألف برميل من النفط المستورد يومياً وحوالي 6 ملايين متر مكعب من الغاز المستورد يومياً في عام 2025).

- تحسين حالة الكهرباء واستقرار توفرها للمواطنين بعد تأمين الوقود والغاز اللازم لمحطات التوليد.

- طي صفحة العقوبات الأمريكية نهائياً واعتبار دخول الشركات الأمريكية تأكيد على أن سوريا لم تعد بأي شكل تحت العقوبات.

· أيضاً سيؤدي دخول الشركات الأمريكية الكبرى إلى زيادة ثقة مستثمرين دوليين آخرين بالاستثمار في سوريا، انطلاقاً من الإشارات الإيجابية الناجمة عن الاستثمارات الأميركية المحتملة.

بالعموم، أثار اجتماع الأمس حالة من الترقب لما سيليه من إجراءات وعقود تتبلور على أرض الواقع، والواضح أن ثمة تعويلاً كبيراً على متوالية إيجابيات سيفضي إليها التعاون من الجانب الأميركي وشركائه، خصوصاً أن السوريين ينظرون إلى نفط وغاز الساحل على أنه الكنز الدفين الذي سيغير ملامح الحياة في سورية ويرتقي بها إلى مستويات أفضل.

The post النفط يجمع دمشق وواشنطن: بداية شراكة كبرى على الساحل appeared first on أخبار الساعة من لبنان والعالم بشكل مباشر | Lebanonfiles | ليبانون فايلز.



إقرأ المزيد