لبنانون فايلز - 11/22/2025 7:54:52 AM - GMT (+2 )
تحت رعاية الرئيس اللبناني جوزف عون انعقد "مؤتمر بيروت وان"، الذي نظمته الحكومة اللبنانية يومي 18 و19تشرين الثاني/نوفمبر الجاري. هذا المؤتمر ليس الأول من نوعه، فقد عُقِد قبله الكثير من المؤتمرات ذات الأهداف والعناوين نفسها، ومن المؤكد أنه لن يكون الأخير ما دام حمل الرقم التسلسلي – "بيروت وان". ولكن قد يكون أبرز ما ميزه هو أنه جمع على غير عادة الأطراف الثلاثة المستهدفة من النداء الأخير لهذا المؤتمر وهي: القطاع الخاص، الاغتراب اللبناني، والشركاء الدوليين. كما حمل رسائل واضحة، خصوصاً من رئيس الجمهورية، إلى المستثمرين الإقليميين والدوليين بأن الإصلاحات قد بدأت بالفعل.
وكالعادة، كان العرب في طليعة الحضور، وهم لم يتوانوا يوماً عن تلبية دعوة الحضور إلى هذا المؤتمر والوقوف إلى جانب لبنان عندما كان يُطلب منهم العون والمساعدة. فلا الدول العربية ولا المستثمرون العرب ولا صناديق التنمية ترددوا يوماً، لا في الاستثمار ولا في تمويل مشاريع تنموية في لبنان، حتى خلال أحلك الظروف الأمنية والاقتصادية والمالية الصعبة. فالبيانات قبل الأزمة المالية والاقتصادية التي مرَّ بها لبنان منذ عام 2019 كانت تشير الى أن توزيع الشركات الأجنبية في لبنان، بحسب بلد المنشأ، بلغت نسبتها من الدول العربية والشرق أوسطية حوالى 30% من إجمال تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة اإلى لبنان، تسبقها في ذلك الشركات الأوروبية بحوالى 51% من إجمال الشركات (إيدال). وإن دل هذا على شيء فإنما على أن الدول العربية تبقى حجر الأساس في نهضة لبنان واستدامة نموه الاقتصادي.
ورغم التحديات المالية والاقتصادية الطويلة الأمد، شهدت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى لبنان زيادةً في عام 2023، لتصل إلى ما يُقدر بـنحو 655 مليون دولار أميركي، وفقاً لبيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، بزيادة قدرها 24.2% عن العام السابق 2022. ومع ذلك، يظل هذا الرقم أقل بكثير من متوسط ما قبل الأزمة والبالغ ملياري دولار سنوياً، والمسجل بين عامي 2018 و2020. وقد أدت عوامل مثل الأزمة الاقتصادية والمالية الأخيرة، وجائحة كوفيد-١٩، وانفجار مرفأ بيروت عام 2020، واستمرار عدم الاستقرار السياسي، إلى إضعاف جاذبية لبنان للمستثمرين اللبنانيين والعرب والأجانب بشكل كبير.
إضافة إلى ذلك، تلعب تحويلات المغتربين دوراً محورياً في دعم الاقتصاد الوطني، إذ قدر البنك الدولي حجم تحويلات المغتربين الوافدة إلى لبنان بنحو 6 مليارات دولار عام 2023 مقارنة بنحو 6.4 مليارات دولار عام 2022، ليحل بذلك لبنان في المركز الثالث إقليمياً مسبوقاً فقط بمصر (19.5 مليار دولار) والمغرب (11.8 مليار دولار).
وتأسيساً على ما تقدم، فلا أبناء هذا البلد خذلوه يوماً، والعرب يعرفونه جيداً، والأجانب يرغبون في العودة إليه في أقرب فرصة متاحة. ولكن ما هو المطلوب منا نحن اللبنانيين، وقد اعتدنا وأدمنّا على إضاعة الفرص مرة تلو الأخرى؟ الأمن أولاً وثانياً وثالثاً، وهذا ما أشار اليه الجانب اللبناني في المؤتمر، وشدد عليه الجانب العربي أكثر من مرة. فلا يمكن وضع العربة أمام الحصان، ولا يمكن إغراء المستثمرين العرب والأجانب، وحتى أبناء البلد المغتربين، بعد اليوم ببعض من الشعارات الجاذبة والمحاضرات المنمقة. فلا حضور رأس الدولة ولا رئيس حكومة البلد ولا الطاقم الوزاري يكفي لضمان أمن الاستثمارات الأجنبية أو جذب المستثمرين، وهم الذين خبروا البلد منذ عقود.
فقد طرح عدد من الحضور العربي والأجنبي أهمية توافر الأمن والأمان، ونزاهة القضاء واستقلاليته على مرأى من الدولة اللبنانية ومسمعها بجميع مكوناتها وأعضائها. لقد أسمعوهم أن الأموال لن تأتي في ضل الأخطار المحدقة، ولن تكون بالوفر الذي نحلم به أو نتطلع اليه. هناك دول مجاورة قد تسبقنا في جذب تلك الاستثمارات وقد بدأت بإدارة محركاتها للبدء بإعادة الإعمار وقيام المشاريع. نعم، لقد شهد المؤتمر زحمة من الأفكار وكمّاً من المشاريع، ولكنها لاتزال تصطدم بحاجز الأمن وأخطار اهتزاز الثقة بوطن يحمل أعباء هائلة من الديون غير المسددة، وقطاعه المصرفي والمالي واهن ضعيف، وإدارته وقيام مؤسساته لم تكتمل بعد. فبين فك الحصار العربي وواقع الحال لدينا، يبقى الاقتصاد اللبناني في حالة من الانتظار.
حسان خضر- النهار
The post بين فك الحصار العربي وواقع الحال... الاقتصاد اللبناني في حالة انتظار appeared first on أخبار الساعة من لبنان والعالم بشكل مباشر | Lebanonfiles | ليبانون فايلز.
إقرأ المزيد


