في 2025: الدولار أمام اختبار صعب
بتوقيت بيروت -

beiruttime-lb.com|: هذا المقال يتناول موضوع "في 2025: الدولار أمام اختبار صعب" بالتفصيل.

واصلت العملة الأميركية مسارها النزوليّ خلال النصف الأول من عام 2025، لتهبط بنسبة 10 في المئة مقابل سلّة من العملات الرئيسية، وتسجّل أسوأ أداء لها خلال الأشهر الستة الأولى من العام، منذ الهبوط الحادّ الذي بلغ 15 في المئة خلال العام 1973.

اشتعلت مخاوف الأسواق منذ بداية العام الجاري بسبب الحروب التجارية والتوترات الجيوسياسية، والرسائل شديدة اللهجة التي وجّهها الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، بالإضافة الى انتقاداته اللاذعة لرئيس بنك الاحتياطي الفدرلي جيروم باول، والاختلافات الواضحة في الرأي حول السياسة النقدية وتقييم أداء الاقتصاد.

وتبدو الفترة المقبلة أكثر حساسية مما مضى، حيث يحمل النصف الثاني من العام مزيدًا من القلق حول أداء أكبر اقتصاد في العالم، وهو ما يهدّد العملة الخضراء بمزيد من الهبوط.

وسط تراجعات الدولار، ارتفع اليورو بنسبة 5 في المئة في النصف الأول من العام، وهو مرتفع بنحو 14 في المئة على أساس سنويّ. كما تتجه العملة الأوروبية الموحّدة لتحقيق أفضل أداء سنوي لها أمام الدولار منذ عام 2017، وربّما تتمكن من تسجيل أقوى أداء في أكثر من عقدين، أي منذ عام 2003.

تسونامي الديون الأميركية

تاريخيّاً تراجع الدولار بشكل حادّ خلال الأشهر الأولى من عام 1973 عندما اتخذت الولايات المتحدة قرارًا بفك ارتباط العملة بالذهب، أما الأحداث المفصلية الراهنة في العالم وفي الاقتصاد الأميركي اليوم، والتي تدفع الدولار نحو مزيد من الخسائر، فهي سياسة الحمائية التجارية والتغيّر في نهج السياسات الخارجية للولايات المتحدة وإعادة صياغة الشراكات الاستراتيجية والتجارية، وقبل كل ذلك أزمات الدين المتصاعد الذي يتضخّم داخل أدراج الحكومة الفدرالية، ليهدد بتسونامي خطير إن لم يتمّ احتواؤه قبل فوات الأوان.

يبلغ إجمالي الدين العام للولايات المتحدة 36.2 تريليون دولار، وهي مستوياتٌ تاريخية مرتفعة عند مقارنتها بحجم الناتج الإجماليّ للبلاد، وهو مقياس أساسيّ لقدرة الحكومة على سداد التزاماتها المالية.

وتواجه الإدارة الأميركية معضلة تتمثّل في الموازنة بين قدرتها على الإنفاق وبين الحاجات الإجتماعية والتنموية للمواطن الأميركي، والتزاماتها السياسية والعسكرية والأمنية. وينقسم الإنفاق الفيدرالي الهائل إلى جزئين أساسيّين: الإنفاق التقديري والإنفاق الإلزامي.

يشمل الإنفاق التقديري الأموال المخصصة للوكالات الفيدرالية مثل وزارات الدفاع، والتعليم، والأمن الداخلي، والخدمات الصحية، وغيرها، ويُقرّه الكونغرس ويوقع عليه الرئيس سنوياً.

أما الإنفاق الإلزامي، فيشمل برامج مثل الضمان الاجتماعي، وميديكير، وميديكيد، بالإضافة إلى الرعاية الصحية للمحاربين القدامى، وبرامج مكافحة الفقر.

قانون ضريبي يغذي الدين

تتبنى الإدارة الأميركية حالياً مشروع قانون لزيادة الإنفاق وتخفيض الضرائب، في حال إقراره من قبل مجلس النواب، سيزيد حجم الدين الأميركي بثلاثة تريليونات دولار خلال عشر سنوات، عند احتساب التكاليف المباشرة وفوائد التمويل، كما يرجّح ان تصل هذه الزيادة بالدين الى 4 تريليونات دولار، في حال تمّ رفع الفائدة خلال السنوات القادمة، لأن أي رفع للفائدة يرفع بالتالي تكاليف خدمة الدين.

هذا وقد صوّت مجلس الشيوخ الأميركي، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، لصالح تمرير مشروع القانون، وكان صوت جي دي فانس، نائب الرئيس، فاصلاً في المجلس.

وتعارضُ أصواتٌ كثيرة قانون ترامب، لأن خفض الضرائب يقابله خفضٌ في الإنفاق على البرامج الصحية والاجتماعية، بالإضافة إلى ارتفاع منسوب الخوف من تفاقم حجم الدين الحكوميّ، في حال الفشل بتأمين إيرادات أكبر من خلال الإتفاقيات التجارية.

شهر يوليو الحاسم

يحمل شهر يوليو 2025 محطات مهمّة للعالم وللاقتصاد الأميركي، حيث تسعى الغالبية الجمهورية في الكونغرس لتمرير مشروع ترامب الذي يتضمن تغييرات واسعة في السياسات الضريبية والهجرة، قبل الرابع من الشهر الحاليّ.

المحطة الثانية المهمة، هي التاسع من يوليو حيث تنتهي مهلة تعليق الرسوم الجمريكة. فقد أعطى الرئيس الأميركي دونالد ترامب مهلة حتى التاريخ المذكور للتوصل الى صفقات تجارية جديدة، لكن ما تبيّن حتى الآن أن الولايات المتحدة لم توقّع سوى على اتفاقيّتين وحيدتين، في وقت تمّ الإعلان فيه عن التحضير لأكثر من مئتيّ اتفاقية.

من جهته حذّر وزير الخزانة الأميركي سكوت بينست من احتمال مواجهة بعض الدول رسوماً جمركية أعلى بكثير، إن لم توقّع اتفاقا تجارية مع الولايات المتحدة قبل التاسع من يوليو.

تحديات صعبة في النصف الثاني

وهجُ الولايات المتحدة كمركز مالي دوليّ يخفت بهدوء، وأزمات التضخم تضغط على المستوى المعيشي للأميركيين. في الوقت نفسه، يُعتبر ضعف العملة عنصراً داعماً للصادرات الأميركية الى الأسواق العالمية، لكن قدرة ذلك على دعم الاقتصاد بشكل فعليّ مرهون بتطوّر الحروب التجارية وأزمات الرسوم الجمركية، وقدرة الإدارة الأميكرية على توقيع معاهدات تجارية جديدة تصحح الاختلال في الميزان التجاري، وتعيد بناء شبكة العلاقات مع الشركاء التجاريين، لتشكيل خارطة تجارية دولية متوازنة.

تحيطُ الضبابية بالأسواق على الرغم من تعافي المؤشرات مع نهاية شهر يونيو، والقفزات التي سجلتها وول ستريت بنهاية النصف الأول، جاءت بعد أشهر متأرجحة وصعبة، لذا يزداد الخوف من أن تتبخّر تلك الأرباح إذا ازداد الاضطراب في العلاقات التجارية وإذا أخفقت الدول في توقيع صفقات جديدة، وتشير السيناريوهات هنا الى ضغوط كبيرة على الدولار وقفزة جديدة في سعر الذهب.

يريد ترامب دولاراً ضعيفاً وأسعار فائدة منخفضة ،ليدعم الصادرات ويعزز الإستثمارات داخل بلاده، لكنه لا يدرك ربما أن تفاؤل المستثمرين بعودته للبيت البيض لم يدم طويلا، والثقة بالاقتصاد الأميركي تتراجع.

أرقام الاقتصاد ومؤشرات الأسواق تقرأ ما لا تبوح به التصريحات، وجاذبية الولايات المتحدة لرؤوس الأموال والاستثمارات من الخارج تتراجع. ويزداد قلق المستثمرين اليوم من مؤشرات ضعف الاقتصاد التي ستتوسّع إذا ضاقت قنوات العلاقات التجارية واستمرّ التضخم عند مستويات مرتفعة لفترة أطول.

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :lebanoneconomy.net
بتاريخ:2025-07-03 06:48:00
الكاتب:hanay shamout
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
قد يتم نشر نرجمة بعض الاخبار عبر خدمة غوغل



إقرأ المزيد