بعد اعتذار السيستاني.. معركة رئاسة الوزراء تفجّر الانقسام الأكبر في البيت الشيعي
لبنانون فايلز -

تتسارع التطورات في مشهد اختيار رئيس الوزراء العراقي داخل الإطار التنسيقي، لكن العقدة التي برزت خلال الساعات الماضية جاءت من خارج حساباته المباشرة، بعد أن أغلقت المرجعية الدينية العليا في النجف بابها أمام المسعى الذي حاول الإطار تمريره عبر رسالة تحمل تسعة أسماء مرشّحة للمنصب.

وعلى الرغم من أن بعض أوساط الإطار كانت تعوّل على “إشارة تطمينية” من النجف تساعد في تقليل الخلافات الداخلية، إلا أن اعتذار المرجعية عن قبول الرسالة أعاد ترتيب المشهد، ووضع الملف بالكامل في نطاق التفاهمات السياسية لا غير.

وجاء هذا التطور بعدما أوكلت قوى الإطار مهمة إيصال الرسالة إلى الدكتور عبد الهادي الحكيم، بوصفه شخصية نجفية قادرة على التوسط، غير أن المرجعية أبلغته بأنها لا ترغب باستلام أي ورقة تتعلق بترشيح رئيس الوزراء، وأنها تتمسّك بعدم التدخل في تفاصيل العملية السياسية.

وهذه الإشارة مثلت موقفاً قاطعاً، ليس تجاه الأسماء فحسب، بل أيضا تجاه مبدأ الزج بالمرجعية في تكوين السلطة التنفيذية، وهو مبدأ ترفضه النجف منذ سنوات.

تردد وانقسام

بدوره، قال الباحث في الشأن السياسي أحمد الخضر إن "خطوة الإطار في مفاتحة المرجعية عكست حالة التردد والانقسام داخل البيت السياسي الشيعي"، مبيناً أن "بعض الأطراف كانت ترى في إحالة الملف إلى النجف محاولة لتقليل مسؤوليتها عن اختيار المرشح".

وأوضح في حديث لـ"إرم نيوز" أن "المرجعية رفضت بصورة واضحة أن يستخدم اسمها في حسم الترشيحات؛ ما يجعل اختيار رئيس الوزراء ضمن البيئة السياسية حصراً، دون أي دور تحكيمي من النجف".

وبحسب النائب في البرلمان، رائد المالكي، فإن عبد الهادي الحكيم اشترط قبل نقلها ضمان موافقة المرجعية على مجرد قبول الاطلاع، إلا أن الرد جاء بالاعتذار المسبق، مقروناً بالتأكيد على أن النجف لم تتدخل سابقاً في اختيار رؤساء الحكومات، ولا تريد أن تُستدرج إلى ذلك في ظل التنافس القائم حالياً.

منهج ثابت

من جهته، قدم المفكر العراقي رحيم أبو رغيف قراءة موسعة للموقف، أشار فيها إلى أن "المرجعية تعتمد منهجاً فقهياً ودستورياً ثابتاً يمنعها من الدخول في تفاصيل لا تملك صلاحية دستورية فيها".

وقال لـ"إرم نيوز" إن "بعض القوى السياسية تحاول التدرع بالمرجعية في لحظات الانقسام، رغم أن النجف أعلنت مراراً أنها لا تصدر رأياً يناقض نصوص الدستور، ولا تدخل في ترجيح أسماء أو دعم مرشحين"، مضيفاً أن "المرجعية، بحكم موقعها الديني والاجتماعي، تتعامل فقط مع القضايا الكبرى التي تمس كيان الدولة، أما اختيار رئيس الوزراء فيندرج ضمن اختصاص البرلمان والقوى السياسية".

وبحسب معطيات من داخل الإطار، فإن رفض المرجعية قد يزيد من مدة الحسم؛ لأن القوى الشيعية تواجه صعوبة في تقليل عدد المرشحين، وسط تعدد الأسماء وتضارب المصالح.

كما أن غياب أي “إشارة نجفية” يجعل المرشحين أمام سباق مفتوح لكسب دعم القوى المؤثرة، مع احتمالات توسع المساومات السياسية بين الكتل داخل الإطار وخارجه، بما فيها الأطراف الكردية والسنية التي تترقب نتائج المفاوضات دون إعلان موقف مسبق.

من جهته، أكد رئيس مركز أفق للدراسات جمعة العطواني، أن "موقف المرجعية الأخير ينسجم تماماً مع رؤيتها لدور الدولة ومؤسساتها، إذ إن التجربة السياسية في العراق تجاوزت عقدين من الممارسة، ومن غير المنطقي إعادة إحالة ملف تشكيل الحكومة إلى المرجعية الدينية، خصوصاً أن النجف تتدخل فقط في قضايا تُهدد وجود الدولة، كما حصل في فتوى الدفاع الكفائي إبان فترة داعش".

وأوضح خلال حديثه لـ"إرم نيوز" أن "رسالة المرجعية لقادة الإطار واضحة وهي الاعتماد على خبرتهم السياسية في التوافق، وأن يتحملوا مسؤولية اختيار المرشح دون البحث عن سند خارجي"، مشيراً إلى أن "الخطوة تعني أيضاً أن المرجعية ترى في استمرار اللجوء إليها ضعفاً في بنية القرار داخل الإطار"، مؤكداً أن "رفض استلام رسالة الإطار يؤكد عدم رغبة النجف بابتداع تقليد جديد يجعلها عنصراً في آلية تشكيل الحكومات".

ومنذ سنوات، أغلقت المرجعية الدينية في النجف أبوابها أمام السياسيين، بعد أن خلصت إلى أن الطبقة الحاكمة ما زالت عاجزة عن معالجة تفشي الفساد وسوء الإدارة وتراكم الأزمات الخدمية والاقتصادية، وعدم معالجة ملف الميليشيات المسلحة، وبذلك توقف مكتب المرجعية عن استقبال الوفود الرسمية والحزبية، في رسالة واضحة بأن النجف لن تمنح غطاء سياسياً لأي طرف، كما أوقف قبل أيام الزيارات التي كانت مفتوحة لكل المواطنين.

إرم نيوز

The post بعد اعتذار السيستاني.. معركة رئاسة الوزراء تفجّر الانقسام الأكبر في البيت الشيعي appeared first on أخبار الساعة من لبنان والعالم بشكل مباشر | Lebanonfiles | ليبانون فايلز.



إقرأ المزيد