لبنانون فايلز - 12/8/2025 12:44:24 PM - GMT (+2 )
يرى خبراء أن تصاعد الحديث الإسرائيلي المفاجئ عن "اتفاقات مدنية" في جنوب لبنان لا يخرج عن كونه غطاءً سياسيًّا لمقاربة أمنية أوسع، هدفها استثمار اختلال موازين القوى بعد الحرب الأخيرة لفرض وقائع جديدة على الأرض.
ويضيفون أن هذا الطرح هو محاولة جس نبض لبناني إقليمي لتمرير ترتيبات أمنية مقنعة ببعد مدني أو اقتصادي، وسط تساؤلات حول ما إذا كان ذلك يهدف إلى تجفيف البيئة الحاضنة لميليشيات حزب الله عبر أدوات غير عسكرية، أم أنه يندرج في سياق صراع النفوذ على موارد الطاقة وترتيبات الحدود.
تفوق إسرائيلي
وفي هذا السياق، قال الأمين العام للجمعية العربية للعلوم السياسية، الدكتور حسان الأشمر، إن إسرائيل، وبعد التفوق الأمني الذي أثبتته في المنطقة، تحاول استثماره لفرض سيطرة أمنية شبه مطلقة، سواء عبر الحرب والعمليات العسكرية، أو من خلال بعض الاتفاقيات التي تسعى إلى تحققها أو تعتقد أنها قادرة على توفير الأمن لها، ولا سيما الحدود الشمالية، وفيما يتعلق بعلاقتها مع لبنان تحديدًا.
وأضاف الأستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية لـ "إرم نيوز" أن إسرائيل ومن خلال هذه المفاوضات، تسعى بشكل أساسي إلى تكريس الهيمنة الأمنية و"تأمين حدودها"، معتبرة أن هذه المرحلة الحالية، من وجهة نظرها لا تقوم على احتلال أراضٍ إضافية، بقدر ما تركز على فرض سيطرة وهيمنة أمنية على الدول المحيطة به، ولا سيما في لبنان.
وأوضح أن إسرائيل، عبر جر لبنان إلى مفاوضات تتعلق بتطوير عمل الميكانيزم، تهدف إلى تكريس هذا التفوق الأمني من جهة، وهندسة احتياط الغاز من جهة أخرى، لافتًا إلى أن تصريحات وزراء حكومة رئيس مجلس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أكدت ضرورة إعادة النظر باتفاقيات الترسيم البحري، على اعتبار أنها لم تكن لمصلحتهم، وإنما صبت في مصلحة لبنان.
وتابع الأكاديمي اللبناني أن إعادة النظر بهذه الاتفاقيات، تؤمن لإسرائيل تفوقًا إضافيًّا، وتفتح الباب أمام مشاركة لبنان في بعض حصصه في احتياطات النفط في المنطقة، مؤكدًا أن المسألة، في جوهرها لا تتصل بهندسة سكانية بقدر ما ترتبط بهندسة احتياطات النفط والغاز، خاصة بعد انضمام السفير السابق سيمون كرم إلى اللجنة الخماسية، وما رافق ذلك من تصريحات صادرة عن ديوان نتنياهو وعن نتنياهو نفسه، أشارت بوضوح إلى البعد الاقتصادي للعلاقات.
وأشار الأشمر إلى أن ما يهم إسرائيل من هذه المفاوضات هو التوصل إلى اتفاقيات أمنية تحمي حدودها، مع تصريف نفوذها لمصلحتها فيما يتعلق بثروات المنطقة، أو حتى بمسارات أنابيب الغاز التي يمكن أن تصل إلى إسرائيل بموجب مشاريع إقليمية كبرى، مثل: تلك الممتدة من كازاخستان إلى شرق المتوسط.
وختم الأشمر حديثه بالقول: إن هذا الواقع يأتي نتيجة مباشرة للاختلال في موازين القوى الذي فرضته الحرب الأخيرة على لبنان وقطاع غزة؛ ما يدفع إسرائيل إلى محاولة جر لبنان نحو اتفاقيات تطبيع في العلاقات الاقتصادية، في وقت لا يزال فيه لبنان رافضًا لكل أشكال التطبيع.
الموقف اللبناني
بينما رأى الخبير العسكري والإستراتيجي، خليل جميّل أن تعيين مدني لرئاسة الفريق العسكري اللبناني في اجتماعات لجنة وقف الأعمال القتالية "الميكانيزم" يشكل تطورًا سياسيًّا لبنانيًّا مفاجئًا، ويعد قرارًا سياسيًّا صائبًا أسهم في إبعاد شبح الحرب عن لبنان، ولو إلى حين، كما خفف حدة الضغوط الدولية والإقليمية على لبنان.
وأضاف جميل لـ "إرم نيوز" أن الموقف اللبناني الرسمي حيال مسار التفاوض يبقى واضحًا وثابتًا، إذ إن الهدف منه أمني بحت، يتمثل في وقف الاعتداءات، مؤكدًا أنه في المدى المنظور لن يكون هناك أي اتفاقات مدنية ذات مضمون أمني.
وأوضح أن حديث إسرائيل عن اتفاقات مدنية أو اقتصادية في جنوب لبنان يتعارض في جوهره مع مضمون المفاوضات التي جرت خلال الجلسة الأولى، والتي عقدت بوجود مدنيين من الطرفين، لافتًا إلى أن بحث موضوع أي اتفاقات مدنية ضمن هذه اللجنة يعد خارج الهامش السياسي والعسكري الممنوح للمفاوضين اللبنانيين حاليًّا.
وأشار الخبير إلى أنه إذا كان الهدف من طرح إسرائيل لمسألة الاتفاقات المدنية هو محاولة أو تخطيطًا مسبقًا لفرض واقع سكاني لاحق، عبر هندسة سكانية جديدة لقرى الحافة الحدودية فمن المنطقي القول إن هذا الهدف غير واقعي، فالحقيقة هي أن نسبة كبيرة من سكان القرى الجنوبية التي تركها قاطنوها خلال الحرب، قد عادوا إليها بعد عام مِن اتفاق وقف إطلاق النار، باستثناء تلك التي لحق بها دمار هائل.
وختم جميل حدثيه قائلًا: إن السياسات أو الإستراتيجيات التي قد تتخذها إسرائيل للتأثير في حجم السكان أو تركيبتهم أو توزيعهم الجغرافي، بهدف خلق واقع سكاني جديد وفق أهداف اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، لن يكتب لها الكثير من النجاح.
إرم نيوز
The post إسرائيل.. من الردع العسكري إلى هندسة "الاتفاقيات المدنية" جنوبًا appeared first on أخبار الساعة من لبنان والعالم بشكل مباشر | Lebanonfiles | ليبانون فايلز.
إقرأ المزيد


