صوت لبنان - 12/23/2025 7:29:16 AM - GMT (+2 )
والواقع أن هبوب عاصفة الاعتراضات والرفض والتحفظ على المشروع كان متوقعاً ولم يفاجئ حتى القيمين على إنجاز مسودته، نظراً إلى التشعبات الكثيفة التي يتضمنها هذا المشروع الشديد التعقيدات مالياً وقانونياً في المقام الأول، ثم لأن الجهات المعنية مباشرة وتحديداً فئات المودعين أياً تكن أحجام ودائعهم وجمعية مصارف لبنان والدولة نفسها، بدت كأنها دخلت في موقعة الفرصة الأخيرة لتثبيت مواقفها من منطلق اعتبار كل منها أنها تعرّضت لظلم هائل في توزيع نسب الخسائر. لذا بدا من الصعوبة أن يمر هذا الاستحقاق من دون أن يفجّر كل تراكمات أزمة الانهيار المالي والمصرفي المتواصلة منذ عام 2019.
وإذ لفت أن الاعتراضات لم تقتصر على “الخارج الحكومي” بل اقتحمت “الداخل الحكومي”، بدت التساؤلات منطقية عما إذا كانت الاعتبارات الانتخابية أيضاً ترخي بظلالها على مصير هذا المشروع، بحيث إذا مرّ بشق النفس في مجلس الوزراء سيغدو من الاستحالة أن يمر في مجلس النواب مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية وانفجار العاصفة الشعبوية في كل الاتجاهات.
ولكن “التيار الحكومي” الذي يتبنى المشروع يبدو متحفزاً لمواجهة العاصفة الاعتراضية بمنطلقات ومعطيات ومعايير تغلب عليها الواقعية، لجهة التنبيه إلى أن مزيداً من تآكل الزمن سيعرّض الجميع للمزيد من الخسائر القسرية، كما سيبقي لبنان في مواجهة المجتمع الدولي في صورة المتقاعس عن معالجة تداعيات كارثة الانهيار من دون إقدام على بتها أياً تكن كلفة حسم هذا الخيار.
وكان مجلس الوزراء التأم بعد ظهر أمس في قصر بعبدا لمناقشة المشروع، وانضم حاكم المركزي كريم سعيد إلى الجلسة. وسبق الجلسة اجتماع بين رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، في وقت قال وزير الاتصالات شارل الحاج أن “المشروع الموضوع هو من أهم وأخطر القوانين منذ إنشاء دولة لبنان الكبير والمطلوب مناقشة تفاصيله بشكل دقيق”.
وأعلنت الوزيرة حنين السيد “أن قانون الفجوة المالية يعبّر عن عدالة اجتماعية مطلوبة للمودعين”.
وأفادت المعلومات بأن وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني ووزير الزراعة نزار هاني، اللذين حضرا اجتماعاً مع كتلة “اللقاء الديموقراطي”، أول من أمس الأحد، استعدا لطرح تعديلات على مشروع قانون الفجوة المالية ولن يصوّتا على الصيغة المقترحة. وأفادت المعلومات أيضاً أن الرئيس عون لن يقبل بأيّ قانون يمسّ بحقوق المودعين.
وأعلن وزير الاعلام بول مرقص، أن “مجلس الوزراء بدأ بمناقشة قانون الفجوة المالية، على أن يستكمل النقاش اليوم. ولفت إلى أن “مشروع قانون الفجوة المالية لا يغني عن أن يقوم القضاء بدوره، ونقترب من صيغة ترضي المصارف والمودعين وتتحمّل الدولة أيضًا مسؤوليتها، ويجب أن تُعاد الثقة بالقطاع المصرفي ونأخذ كل الهواجس بعين الاعتبار”.
وأكد رئيس الحكومة في الجلسة “أنّ مشروع قانون الفجوة المالية هو واقعي وقابل للتنفيذ وهدفه إنصاف المودعين وإعادة التعافي للقطاع المصرفي، وكلّما تأخّرنا بإقراره تراجعت ثقة الناس والمجتمع الدولي”.
وخلال انعقاد جلسة مجلس الوزراء تجمّع عدد من المودعين على طريق القصر الجمهوري، رفضاً لمشروع قانون الفجوة المالية، رافعين لافتات أكدوا فيها الحق في ودائعهم والحصول عليها كاملة.
في الإطار عينه، التقى قبل الجلسة وزير المال ياسين جابر، السفير الأميركي في لبنان ميشال عيسى، وجرى عرض للأوضاع بشكل عام وللمواضيع الإصلاحية لا سيما مشروع قانون الفجوة المالية والانعكاسات المرتقبة على المستوى الاقتصادي.
وفي جانب آخر من الجلسة، عيّنَ مجلس الوزراء ماجد مكيّه رئيساً لمؤسسة “إيدال” وزينة زيدان وعباس رمضان نائبين للرئيس، إضافة إلى 4 اعضاء هم روني سرياني، ريم درباس، حسن صليبي وفادي صليبي.
وقابل وزراء “القوات اللبنانية” هذه التعيينات بالاعتراض عليها على خلفية أنها جاءت من خارج آلية التعيينات.
اما في الجانب الجنوبي، فأغار الطيران الإسرائيلي أمس على سيارة في القنيطرة قرب صيدا متسبباً بسقوط 3 قتلى، وقال الجيش الإسرائيلي: هاجمنا عددًا من عناصر حزب الله في منطقة صيدا جنوب لبنان”.
وفي غضون ذلك، أبلغ رئيس الجمهورية وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو “أن لبنان يرحب بمشاركة إيطاليا ودول أوروبية أخرى في أي قوة تحل محل القوات الدولية العاملة في الجنوب “اليونيفيل” بعد اكتمال انسحابها العام 2027، وذلك لمساعدة الجيش اللبناني في حفظ الأمن والاستقرار على الحدود اللبنانية الجنوبية، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من التلال والأراضي التي تحتلها”.
وقال إن “خيار التفاوض الذي اعتمده لبنان وكلّف سفيراً سابقاً ترؤس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم، هدفه وقف الأعمال العدائية وتحقيق الانسحاب الإسرائيلي وإعادة الأسرى المعتقلين في إسرائيل وإعادة السكان الجنوبيين إلى قراهم وممتلكاتهم، ولبنان ينتظر خطوات إيجابية من الجانب الإسرائيلي، ونعتمد على دول صديقة مثل إيطاليا للدفع في اتجاه إنجاح العملية التفاوضية والوصول الى نتائج إيجابية”.
وبدوره شدّد الوزير الإيطالي على دعم إيطاليا للبنان في المجالات كافة لا سيما في مجال حفظ الأمن والاستقرار في الجنوب، مشيراً إلى أن بلاده ترغب في إبقاء قوات لها في منطقة العمليات الدولية جنوب الليطاني بعد انسحاب “اليونيفيل” منها، لافتاً إلى وجود دول أوروبية أخرى تنوي أيضاً اتخاذ الموقف نفسه. وقال إن هذه الخطوة تهدف إلى دعم الجيش اللبناني في مهامه في الجنوب لأن إيطاليا تعتبر أن أمن لبنان والمنطقة والبحر المتوسط يتحقق من خلال تعزيز دور الجيش اللبناني وتوفير الإمكانات الضرورية له.
إقرأ المزيد


